الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

تهذيب رسالة "صلاة العيدين في المصلى هي السنة" للإمام الألباني


تهذيب رسالة "صلاة العيدين في المصلى هي السنة" للإمام الألباني -رحمه الله تعالى- مع بعض التعديلات والملحقات

https://goo.gl/EulzF7

ملاحظة: لمن لا يعمل الملف عنده بشكل سليم، تحتاج إلى تحميل بعض الملحقات المهمة كالخط والرموز غيرها.

الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

تهذيب رسالة الكلمات المرضية في أحكام الأضحية من كلام العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- .

إِنَّ الْحَمْدَ لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ بالله مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ.
يَاأَيُّهاَ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَاْلأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ الله وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و سلم وَشَرَّ الْأُمُوْرِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أما بعد:
فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد:

أيها الأكارم: أضع بين يدي إخواني الطلاب، أحكام ميسرة، وفوائد مختصرة وكلمات مرضية في أحكام الأضحية جمعتها وانتقيتها واختصرتها من كلام الإمام البحر الفقيه العلامة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، فأسأل الله أن ينفع بها كل من قرأها، وأسأله سبحانه أن ينفع بها جامعها وكاتبها وكل من أعان على من نشرها.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه/ عبد الحكيم بن عبد الله

قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-:
الحمدُ لله الذي شرع لعباده التقرّب إليه بذبح القُربان، وقرَنَ النحر له بالصلاة في محكم القرآن، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على كل إنسان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلَّم تسليماً.
أما بعد:
فيا عباد الله، اتَّقوا الله تعالى وتقرَّبوا إليه بذبح الأضاحي؛ فإنها سنَّة أبيكم إبراهيم الذي أُمرتم باتِّباع ملّته، وسنَّة نبيّكم محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يُضحّي منذ هجرته إلى المدينة عن محمد وآل محمد حتى توفي، فكانت الأضحية مشروعة بكتاب الله وسنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإجماع المسلمين، وبها يشارك أهل البلدان حجّاج البيت في بعض شعائر الحج، فالحجاج يتقرَّبون إلى الله بذبح الهدايا، وأهل البلدان يتقرَّبون إليه بذبح الضحايا، وهذه من رحمة الله بعباده؛ حيث لم يَحْرم أهل البلدان الذين لم يُقدّر لهم الحج من بعض شعائره.
أيها المسلمون، عظِّموا شعائر الله -عز وجل- واعتنوا بها واذكروا قول الله -سبحانه وتعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)[سورة الحج ٣٤-٣٧]
* من خطب ابن عثيمين (بتصرف).

الكلمات المرضية في أحكام الأضحية من كلام العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-

🔸المسألة الأولى: تعريف الأضحية:
الأضحية: ما يُذبح من بهيمة الأنعام أيام عيد الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله -عز وجل-.

🔹فوائد:
١- قال النووي: الأضحية فيها أربع لغات:
١. أُضحِية جمعها أضاحي.
٢. إضحِية جمعها أضاحي.
٣. ضَحيَّة جمعها ضحايا.
٤. أَضحاه جمعها أضحى. ا.هـ بتصرف.
٢- أيام عيد الأضحى أربعة، يوم العيد وثلاثة أيام بعده. [اللقاء المفتوح].
٣. سُمي عيد الأضحى بذلك لأن الأضاحي تُذبح ضحى، بعد صلاة العيد. [الشرح الممتع بتصرف].

🔸المسألة الثانية: مشروعيتها:
الأضحية من شعائر الإسلام المشروعة بكتاب الله -تعالى-، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإجماع المسلمين، فقد ضحّى -صلى الله عليه وسلم- وضحّى أصحابه -رضي الله عنهم-، وأخبر أن الأضحية سُنّة المسلمين يعني طريقتهم، ولهذا أجمع المسلمون على مشروعيتها، كما نقله غير واحد من أهل العلم.
مسألة: واختلفوا هل هي سنة مؤكدة، أو واجبة لا يجوز تركها؟
الجواب:
١. فذهب جمهور العلماء إلى أنها سنة مؤكدة، وهو مذهب الشافعي، ومالك، وأحمد في المشهور عنهما.
٢. وذهب آخرون إلى أنها واجبة، وهو قول الأوزاعي، والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: "هو أحد القولين في مذهب مالك، أو ظاهر مذهب مالك".
قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-: "والأدلة تكاد تكون متكافئة، وسلوك سبيل الاحتياط أن لا يدعها مع القدرة عليها، لما فيها من تعظيم الله وذكره، وبراءة الذمة بيقين".
والقول بالوجوب أظهر من القول بعدم الوجوب، لكن بشرط القدرة، أما العاجز الذي ليس عنده إلا مؤنة أهله، فإنه لا تلزمه الأضحية.

🔹فوائد:
١. قال في [المغني]: "أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية"، وجاء في [فتح الباري]: "ولا خلاف في كونها من شرائع الدين".

🔸المسألة الثالثة: يشترط للأضحية ستة شروط:
الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها.
الشرط الثاني: أن تبلغ السن المعتبر شرعاً بأن تكون جذعة من الضأن، أو ثنية من غيرها.
الشرط الثالث: أن تكون خاليةً من العيوب المانعة من الاجزاء وهي أربعة:
١. العور البيِّن
٢. المرض البيِّن.
٣. العرج البيِّن.
٤. الهزال.
الشرط الرابع: أن تكون ملكاً للمضحي.
الشرط الخامس: أن لا يتعلق بها حق للغير، فلا تصح التضحية بالمرهون.
الشرط السادس: أن يضحي بها في الوقت المحدود شرعاً، وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.

🔹فوائد:
١. يجب أن تكون البهيمة من بهيمة الأنعام فلو ضحى الإنسان بحيوان آخر أغلى منه لم يجزه. قاله في الشرح الممتع مع التصرف.
٢. المسنة: هي الثنية فما فوق.
والجذعة: ما دون ذلك.
الثني من الإبل: ما تم له خمس سنين.
والثني من البقر: ما تم له سنتان.
والثني من الغنم: ما تم له سنة.
والجذع: ما تم له نصف سنة، فلا تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز، ولا ما دون الجذع من الضأن.
٣. قال في الشرح الممتع: ذكر بعض العلماء: أن من علامات إجزاء الضأن أن ينام الشعر على الظهر؛ لأن الخروف الصغير يكون شعره واقفاً، فإذا بدأ ينام فهذا علامة على أنه صار جذعاً.
٤. الأفضل من الأضاحي جنساً: الإبل، ثم البقر إن ضحى بها كاملة، ثم الضأن، ثم المعز، ثم سبع البدنة ثم سبع البقرة.
والأفضل منها صفة: الأسمن الأكثر لحماً، الأكمل خلقة، الأحسن منظراًِ.

🔸المسألة الرابعة: فيمن تجزئ عنه الأضحية:
تجزئ الأضحية الواحدة من الغنم عن الرجل وأهل بيته ومن شاء من المسلمين… ويجزئ سُبْع البعير أو سُبْع البقز عمّا. تُجزىء عنه الواحدة من الغنم، فلو ضحى الرجل بسُبْعِ بعير أو بقرة عنه وعن أهل بيته أجزأه ذلك.

🔸المسألة الخامسة: فيما يؤكل ويفرق من الأضحية:
يُشرع للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويُهدي، ويتصدق لقوله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [سورة الحج ٢٨]، وقوله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة الحج ٣٦]، فالقانع: السائل المتذلل، والمعتر: المعترض للعطية بدون سؤال.
وقد اختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في مقدار ما يأكل ويهدي ويتصدق، والأمر في ذلك واسع. والمختار أن يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث.

مسألة: فيما يجتنبه من أراد الأضحية:
* إذا أراد أحد أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة إما برؤية هلاله، أو إكمال ذي القعدة ثلاثين يوماً، فإنه يحرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره، أو أظفاره، أو جلده حتى يذبح أضحيته
* وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته، ولا إثم عليه فيما أخذه قبل النية.
* وهذا حكم خاص بمن يُضحي، أمّا من يُضحَّى عنه فلا يتعلق به.
* وإذا أخذ من يريد الأضحية شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته فعليه أن يتوب إلى الله -تعالى- ولا يعود، ولا كفارة عليه، ولا يمنعه ذلك عن الأضحية كما يظن بعض العوام.
* وإذا أخذ شيئاً من ذلك ناسياً أو جاهلاً، أو سقط الشعر بلا قصد فلا إثم عليه، وإن احتاج إلى أخذه فله أخذه ولا شيء عليه، مثل أن ينكسر ظفره فيؤذيه فيقصه، أو ينزل الشعر في عينيه فيزيله، أو يحتاج إلى قصه لمداواة جرح ونحوه.

🔸المسألة السادسة: تنبيهات:
١. ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها؛ لأن ذلك عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين معه؛ ولأن الذبح من شعائر الله -تعالى-، فلو عدل الناس عنه إلى الصدقة لتعطلت تلك الشعيرة، ولو كانت الصدقة بثمن الأضحية أفضل من ذبح الأضحية لبيَّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته بقوله أو فعله، لأنه لم يكن يدع بيان الخير للأمة، بل لو كانت الصدقة مساوية للأضحية لبيَّنه أيضاً؛ لأنه أسهل من عناء الأضحية، ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- ليدع بيان الأسهل.
٢. الأصل في الأضحية أنها مشروعة في حق الأحياء كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم، وأما ما يظنه بعض العامة من اختصاص الأضحية بالأموات فلا أصل له.
٣. يجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلاً ونهاراً، والذبح فس النهار أولى، ويوم العيد بعد الخطبتين أفضل، وكل يوم أفضل مما يليه؛ لما فيه من المبادرة إلى فعل الخير.
٤. المكروه في الأضحية:
١. العضباء: وهي ما قطع من أذنها أو قرنها النصف فأكثر.
٢. المقابَلة: وهي التي شقت أذنها عرضاً من الأمام.
٣. المدابَرة: وهي التي شقت أذنها عرضاً من الخلف.
٤. الشرقاء: وهي التي شقت أذنها.
٥. الخرقاء: وهي التي خرقت أذنها.
٦. المُصْفَرَة: وهي التي قطعت أذنها حتى ظهر صماخها، وقيل المهزولة إذا لم تصل إلى حد تفقد فيه المخ.
٧. المستأصَلة: وهي التي ذهب قرنها كله.
٨. البخقاء: وهي التي بخقت عينها فذهب بصرها وبقيت العين بحالها.
٩. المشيَّعة: وهي التي لا تتبع الغنم لضعفها إلا بمن يشيعها فيسوقها لتلحق.
٥. لا تجزئ الواحدة من الغنم عن شخصين فأكثر يشتريانها فيضحيان بها؛ لعدم ورود ذلك في الكتاب والسنة.
٦. يحرم أن يبيع شيئاً من الأضحية لا لحماً ولا غيره حتى الجلد، ولا يعطي الجازر شيئاً منها في مقابلة الأجرة أو بعضها لأن ذلك بمعنى البيع.
٧. تتعين الأضحية بواحد من أمرين:
الأول: اللفظ بأن يقول: "هذه أضحية" قاصداً إنشاء تعيينها، فأما إن قصد الإخبار عما يريد بها في المستقبل فإنها لا تتعين بذلك؛ لأن المقصود به الإخبار عما سيفعل بها في المستقبل لا إنشاء تعيينها.
الثاني: الفعل، وهو نوعان:
١. ذبحها بنية الأضحية، فمتى ذبحها بهذه النية ثبت لها حكم الأضحية.
٢. شراؤها بنية الأضحية إذا كانت بدلاً عن معينة، مثل أن يعين أضحية فتتلف بتفريط منه فيشتري أخرى بنية أنها بدل عن التي تلفت فهذه تكون أضحية بمجرد الشراء بهذه النية؛ لأنها بدل عن معينة، والبدل له حكم المبدل.
وإذا تعيَّنت الأضحية تعلق بها أحكام:
الأول: أنه لا يجوز التصرف بها بما يمنع التضحية بها من بيع وهبة ورهن وغيرها إلا أن يبدلها بخير منها لمصلحة الأضحية، لا لغرض في نفسه.
الثاني: أنه إذا مات بعد تعيينها لزم على الورثة تنفيذها.
الثالث: أنه لا يستغل شيئاً من منافعها فلا يستعملها في حرث ونحوه، ولا يركبها إلا إذا كان لحاجة وليس عليها ضرر.
الرابع: أنها إذا تعيَّبت عيباً من الاجزاء مثل أن يشتري شاة فيُعيِّنها فتبخق عينها حتى تكون عوراء بينة العور فلها حالان:
١. أن يكون ذلك بفعله أو تفريطه، فيجب عليه إبدالها بمثلها على صفتها أو أكمل؛ لأن تعيبها بسببه فلزمه ضمانها بمثلها يذبحه بدلاً عنها، وتكون المعيبة ملكاً له على القول الصحيح يصنع فيها ما شاء من بيع وغيره.
٢. أن يكون تعيبها بدون فعل منه ولا تفريط، فيذبحها وتجزئه إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين لأنها أمانة عنده وقد تعيَّبت بدون فعل منه ولا تفريط فلا حرج عليه ولا ضمان.
الخامس: أنها إذا ضاعت أو سُرقت فلها حالان أيضاً:
١. أن يكون ذلك بتفريط منه مثل أن يضعها في مكان غير محرز فتهرب أو تُسرق فيجب عليه إبدالها بمثلها على صفتها أو أكمل يذبحه بدلاً عنها.
٢. أن يكون ذلك بدون تفريط منه فلا ضمان عليه.
السادس: أنها إذا أتلفت فلها ثلاث حالات:
١. أن يكون تلفها بأمر لا صنع للآدمي فيه كالمرض والآفة السماوية والفعل الذي تفعله هي فتموت به فلا ضمان عليه.
٢. أن يكون تلفها بفعل مالكها فيجب عليه أن يذبح بدلها على صفتها أو أكمل؛ لوجوب ضمانها جينئذ.
٣. أن يكون تلفها بفعل آدمي غير مالكها فإن كان لا يمكن تضمينه كقطاع الطرق فحكمها حكم ما تلفت بأمر لا صنع للآدمي فيه على ما سبق في الحال الأولى.
السابع: أنها إذا ذُبحت قبل وقت الذبح ولو بنية الأضحية فالحكم فيها كالحكم فيما كما إذا أتلفت على ما سبق، وإن ذُبحت في وقت الذبح فإن كان الذابح صاحبها أو وكيله فقد وقعت موقعها.

جمع وإعداد: عبد الحكيم بن عبد الله رباع الشحي
٥ من ذي الحجة ١٤٣٤هـ
٢٠١٣/١٠/١٠م
تهذيب: أبو عبد الرحمن الأثري
٢ من ذي الحجة ١٤٣٦هـ
٢٠١٥/٩/١٦م

الثلاثاء، 21 يوليو 2015

[حَقُّ اللَّيْلَةِ] تُرَاثٌ أَمْ إِحْدَاثٌ ؟! جمعٌ للأقوالِ والردود

[حَقُّ اللَّيْلَةِ] تُرَاثٌ أَمْ إِحْدَاثٌ ؟! جمعٌ للأقوالِ والردود

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد بحثت في مسألة [حكم ليلة النصف من شعبان، المسماة بـ"حق الليلة"]، ووجدت ما يشفي الصدور، ويُبرد العقول، ويرد الحيارا إلى أصول الشريعة، فقد اختلف الناس فيها، ففريقٌ يقول [عادة] وفريقٌ يقول [عبادة]، والراجح أنها لا تجوز لما فيها من مخالفاتٍ شرعية، وفتاوى الأئمة الكبيرة، وموافقة لإهل البدع والأهواء، فأقول وبالله التوفيق، أرجوا أن تكون هذه الرسالة أصلاً في الرد على أؤلئك الذين يُجيزون هذه الاحتفالات، والله المستعان.



وثيقة رسمية في فتوى لكبار العلماء من "الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء" عن حكم [مهرجان القرقيعان]؟ أجاب فيها كلٌ من أصحاب الفضيلة:
§      سماحة المفتي الشيخ العلّامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله-.
§      سماحة المفتي الشيخ العلّامة عبد العزيز بن عبد الله آل شيخ حفظه الله-.
§      سماحة الشيخ العلّامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله-.
§      فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان رحمه الله-.
§      فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله-.




ودونك هذا الرد الموجز البليغ من أحد المنتديات

من العجيب والغريب الحرص والتمسك بالعادات والبدع ! بحجة أنها تقاليد آبائنا ؟!!

قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ)

وقال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)

كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).


فأمَّا صوم يوم النصف مفرداً فلا أصل له، بل إفراده مكروه. وكذلك اتخاذه موسماً تصنع فيه الأطعمة، وتظهر فيه الزينة، هو من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها.

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمهُ اللهُ- في رسالة "التحذير من البدع"(ص/19) : "أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها أو تخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم". 


وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في الفتاوى له(ص/116) : "الاجتماع في ليلةٍ من غير ليالي رمضان كليلة النصف من شعبان ، وليلة السابع والعشرين من رجب، وكذلك ليلة العيد ، كل ذلك من البدع التي ينهى عنها". 


وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمهُ اللهُ- في حاشيته على إصلاح المساجد من البدع والعوائد للقاسمي(ص/99) : "لا يلزم من ثبوت هذا الحديث اتخاذ هذه الليلة موسماً يجتمع الناس فيها، ويفعلون فيها من البدع ما ذكره المؤلف رحمه الله". 


وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الفتاوى(1/190) : "الصحيح أن صيام النصف من شعبان أو تخصيصه بقراءة أو بذكر لا أصل له". 


وقال -رحمهُ اللهُ- في مجموع فتاوى ورسائل في العقيدة(2/296-297 س 349) : "أما إظهار الفرح في ليلة السابع والعشرين من رجب ، أو ليلة النصف من شعبان أو في يوم عاشوراء، فإنه لا أصل له وينهى عنه ولا يحضر الإنسان إذا دعي إليه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- ، : "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة". 


وقال الشيخ صالح الفوزان -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- في فتاوى نور على الدرب(1/87) : "لم يثبت عن النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- تخصيص ليلة النصف من شعبان بقيام ولا بصيام يوم الخامس عشر من شعبان". 


ومن البدع اعتقاد أن ليلة النصف من شعبان تساوي ليلة القدر في الفضل .. 


روى عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه(4/317 رقم 7928) أخبرنا معمر عن أيوب قال: قيل لابن أبي مليكة إن زياداً المنقري -وكان قاصاً- يقول: إن أجر ليلة النصف من شعبان مثل أجر ليلة القدر. فقال ابن أبي مليكة: لو سمعته يقول ذلك وفي يدي عصا لضربته بها. وسنده صحيح. 

.
.

واجبنا رعاكم الله طاعة وامتثال أمر رسولنا - صلى الله عليه وسلم - 
واجتناب نهيه وتصديق خبره 

لا أن نقول : تلك عاداتنا وهذا ما وجدنا عليه أبائنا ؟!!


فضيلة الشيخ محمد بن غيث

(قالَ الإمامُ ابن بَطَّة-رحمهُ الله-والمتوفى سنة 387 :((رَحم الله عبدًا لَزِمَ اْلحذَرَ وَاقْتَفَى الَأثَرَ، وَلَزِمَ اْلجَادَّةَ اْلوَاضِحَةَ، وَعَدَلَ عَن اْلبِدْعَةِ اْلفَاضِحَةِ).

دَرَجَ النَّاس في هذه اْلمنطقة مِن اْلعالم بِالذَّات-، أعني: بعض دُولِ اْلخليج ومن جاورهُم من دُول تخصِيصَ النِّصفِ مِن شعبان -وبعضهم يخصِّصُونَ النّصفَ من رمضان- بتوزيعِ 
اْلحلوى ومَا يُفرحُ الَأطفال، وعملِ الَأطعمةِ وتوزيعِها على اْلجِيرانِ، وقد يَتْبعُ ذلك زيٌ معيّنٌ للأطفالِ -خاصّةً اْلبنات منهم-، والتّطوافِ على اْلبُيُوتِ، وإنشادِ بعضِ اْلكلماتِ، مثل : (أعطُونا الله يعطِيكُم) ونحو ذلك، ويسمّونهُ بـ"حقِّ اللَّيلة" ، أو بـ"حقِّ الله"، أو بـ"الثَّواب"، كلماتٌ دارجةٌ في اْلمجتمع!، فهل هذه الَأفعال -أيهّا الَأفاضل- من قبيلِ اْلعادة والمورُوث الَّذي قد يُتساهلُ فيه ؟ أمْ أنها ممّا يدخلُ في الِإحداثِ في الدِّين؟ فيجبُ تركهُ، وتحذيرُ النَّاس منه؛ شفقةً عليهم وعلى دينهِم، واْلمرجِعُ في ذلك إنَّما هو قواعدُ شرعِنا وأقوالُ علمائِنَا -عليهِم رحمةُ اللهِ- .

ومن اْلمقرّر عند اْلعلماء أَنَّه ليس كلّ ما هو عادةٌ يكون جائزًا، فمن اْلعادات ما يخَالفُ الشَّرعَ اْلحنيفَ، ومِن اْلعادات مَا يكونُ أصلُهُ بدعةً، ومنها مَا يكونُ أصلُه اعتقادًا، ونحو ذلك، فلننْظر في(حقِّ ليلَتِنَا)!     وأنا لَا أُطيل، إِنما أذكرُ أربعةَ أمورٍ، كُلُّ واحدٍ منها يكفِي في إبطالِ هذا اْلعادة، والدِّين النَّصيحة.

الأمر الأول:التسمية.

وتسميتُها بـ"حَقِّ اللَّيلةِ"، أو بـ"حَقِّ اللهِ"، أو بـ"الثَّواب" ، هذه التَّسميات: اْلحقُّ والثَّواب، تتعلّقُ بالشَّرعِ وليس باْلعادة، فـ"حقّ اللَّيلة "أي: ما يجبُ لليلةِ، واْلواجب لَا يكونُ إلَّا من الشَّرع، والتَّسمية الُأخرى:"حقّ اللهِ " أوضحُ وأوضحُ، فهي للهِ!،  وليست عادة إنما هيَ قربةٌ وعبادةٌ، لِأَنها لله!!، ولذلك يسمّيهَا بعضُ النَّاس بـ"الثواب"، والَأطفال يقولُون:
(أعطونَا الله يعطيكُم(، والله لَا يُعطي على اْلعاداتِ والتَّقاليدٍ والتُّراث! إنما يُعطي على اْلقُرَبِ واْلعباداتِ، واْلعباداتُ لَا تكونُ إلَّا من شَرعِ الله -عز ّوجلّ-، وعلى ألسنةِ رسولهِم -عليهِم الصَّلاةُ والسَّلامُ-، ولو تأمّلتُم الُأنشُودةَ الَّتي تقالُ في هذه اْلمناسبةِ على ألسنتِهِم، لَعلمتم أَنها مِن أَجَلِّ اْلعباداتِ ومن اْلواجباتِ!!، فأينَ هذا من اْلعادةِ؟ وهذا أمرٌ واضحٌ، التَّسمية تكفِي في إبطالها، فجعلوها ثوابًا وحقًا للهِ وللَّيلةِ، يجعلهَـا عبادة!!

الأمر الثاني:

يقولُ اْلعلماءُ -رحمهم الله-: إنَّ مبدأَ هذا الاحتفالِ واْلفرح اعتقادٌ وليس عَبَطٌ من اْلفعلِ، يقولُ العلماء إنَّ أصلَ هذه اْلعادة والاحتفال إنما هو اعتقادٌ، ففِي النِّصفِ من شعبان سنة 255هـ وُلد الْمهديّ محمد بن الحسن العسكريّ، فهم يحتفلونَ ويفرحونَ لِيومِ مولدهِ، فهو يومُ عيدِ ميلادٍ وليست عادة وتُراث!!

و لا تقلْ لي :بعض النَّاس يحتفلُ في النَّصف من رمضان، ويوم اْلميلاد في النِّصف من شعبان -عند من يحتفلُ-!!

نقول :هم يعتقدُون أيضًا أنَّ في النِّصفِ من رمضان سيخرُج، فيحتفلونَ بـيومِ مولدهِ في النِّصفِ من شعبان، ويحتفلونَ بِـيومِ خروجِهِ في النِّصف من رَمَضَان، فهم يقدّمُون اْلفرحةَ قبلَ خروجهِ، ويقدّمون الْفرحةَ في يومِ مولدهِ، ومن اْلمقرّر عندَ أهلِ السُّنَّة واْلجماعة أنّ اْلمهديَّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-والَأحاديث متواترة، واسمهُ عند أهلِ السُّنَّة محمّد بن عبدِ الله، من أولَادِ فاطمة، من ذرِّيَّة اْلحسن، يعتقدونَ أنّه لم يولدُ بعد، وأنّه سيخرجُ في زمنِ الدَّجَّال، وسينزلُ في زمانه اْلمسيح ابن مريم، ولَا يُدرى متى وقته على التَّحديد، والاحتفال باْلمولد -أيُّهَا الَأفاضل- معلومٌ حكمُهُ عندكم،ومشابهةُ غير سبيل الصَّحابة مذمومٌ في دينِنَا،(وَمَنْ يُشَاقِق الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ اْلهُدَى وَيَتَّبِع غَيْرَ سَبِيلِ اْلمؤْمِنِينَ) أي: الصَّحابة، ففيه وعيدٌ شديدٌ، وقد قال ربُّنا عز ّوجلّ-: (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين قال السَّلَفُ من أهلِ التَّفسير: (مع محمّدٍ وأصحابهِ)، ولَابدّ لَأهل السُّنة من تميّز، وعدم التَّشبه بغيرهم، سواءً أكان 
هذا اْلبعضُ من أهلِ اْلكفرِ أو من أهلِ اْلبدعِ، أو من أهلِ اْلفُسُوق والِإجرام، قال سبحانه وتعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ اْلمجْرِمِين(،لَا بدّ من اْلمباينةِ بأمرِ الله عزّ وجلّ-.

الأمر الثالث:

مَرجعنا في السُّؤال علماؤُنا؛ لقول الله -تعالى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون)، وعلماء كُلّ أمَّة شِرارها، إِلَّا أَهْل الِإسْلام، فعلماؤُهُم خَيرُهُم -كمَا أَجْمَعَ على ذلك أَهْل اْلعِلم- وَهُم في الُأمَّة بمنزلةِ الرَّسولِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام -، فهُم ورثةُ الَأنبياءِ، يقسّمونَ بين النَّاسِ ميراثَ النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام -، وقد ذكرَ علماؤُنا أنَّ هذا الَأمر من اْلمحدثاتِ، وليس من اْلعادات. 

يقول ابن تيميَّةَ-وابن تيميّة معلوم عندكم ومعروف عند كل الُأمّة-، يقول رحمهُ الله: 

(فَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ النِّصْفِ مُفْرَدًا فَلَا أَصْلَ لَهُ، بَلْ إِفْرَادُهُ مَكْرُوهٌ، وَكَذَلِكَ اتّخَاذُهُ مَوْسمًا، تُصْنَعُ فِيهِ الَأطْعِمَةُ، وَتُظْهَرُ فيهِ الزِّينَةُ هُوَ مِن اْلموَاسِمِ اْلمحدَثَةِ اْلمبْتَدَعَة الَّتي لَا أَصْلَ لَها)
قاله في اقتضاء الصراط المستقيم

يقول: (وَكَذَلِكَ اتّخَاذُهُ مَوْسمًا، تُصْنَعُ فِيهِ الَأطْعِمَةُ، وَتُظْهَرُ فيهِ الزِّينَةُ(
وَليسَ في النِّصْفِ إِلَّا هَذَا اْلفِعْلِ!

وقد نصّ غيرُ واحدٍ من اْلعلماءِ اْلمعاصرينَ من اْلمبرّزِين، ممّن قد ماتَ إلى رحمةِ الله أنَّ هذا الَأمر محدثٌ،لم يَقُل من علمائِنا واحد بجوازِ ذلك، فلينُتبه للَأمر.

الأمر الرابع:

أنَّ تخصيصَ يومٍ بعينهِ- يَعُودُ كُلَّ سنة، أوْ كُلَّ شهرٍ، يجعلُ ذلك اْليوم عيدًا، قالَ ابن تيمية: (اْلعِيدُ اسمٌ لما يَعُودُ مِن الاجتِمَاعِ اْلعَام عَلَى وجهٍ مُعْتَاد، عائدٌ: إمَّا بِعَوْدِ السَّنَة، أَوْ بِعَوْدِ الُأسْبُوعِ أَوْ الشَّهْر،

فَاْلعِيدُ يجمَعُ أُمُورًا: 

-مِنْهَا :يومٌ عائِدٌ كَيَوْمِ اْلفِطْرِ وَيَوْمِ اْلجمْعَة.
-
وَمِنْهَا اجْتِمَاعٌ فِيه.
-
وَمِنْهَا أَعْمَالٌ تَتْبعُ ذَلِك: مِن اْلعِبَادَات وَاْلعَادَات)
[اقتضاء الصراط المستقيم، ج/1، ص442]

أيّ: اْلعادات في هذا اْلموضع تعتبرُ مما تخالفٌ الشَّرع، والإسلام ليس فيه إلّا عيدانِ اثنانِ فقط، قالَ أنسٌ -رضيَ الله عنهُ-: (قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم المدِينَةَ وَلَهُم يَومَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا)، وهما: يوم النَّيرُوز، ويوم اْلمهرَجَان وهذَا كان من تراثِهم، من عاداتهِم، من تقاليدِهم، حد ينكر هذا؟
ألم يكُن هذا من تراثِهِم ومِن ثقافَتِهِم ومِن عاداتهم؟

فقالَ النَّبيُّ-صلى الله عليه وسلم-: (مَا هَذَانِ اْليَوْمَـانِ؟ قَالُوا:كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا في اْلجَاهِلِيَّةِ).

اللَّعبُ عبادة [أمْ] عادة؟ عـــادة 

فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-: (إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الَأضْحَى، وَيَوْمَ اْلفِطْرِ ([رواه أبو داود، (1134)، وابن ماجة] 

وهذَا دليلٌ واضحٌ -أيّها الَأفاضِل -عن النَّهي عن اتّخاذِ غير اْلفطر والَأضحى عيدًا، فاْليوم اْلعائد بعودِ السَّنة، أو بعودِ الشَّهر، فهو عيدٌ، والِإسلام جاء بالنَّهي عن اتّخاذِ الَأيام عيدًا، سوى عيد اْلفطر وعيد الَأضحى، ولذلك لم يبقَ أثرٌ في ذلك في الِإسلامِ، لم يبقَ لَأعياد اْلجاهلية أثرٌ في الِإسلام، لَا في عهدِ الرَّسول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- ولَا في عهدِ اْلخلفاء -عليهم رضوان الله-، قال ابن تيمية: (ولو لم يكن [أي النبي-عليه الَّصلاة والسّلام-]

وَلَوْ لم يَكُن قَدْ نهى النَّاسَ عَن اللَّعِب فِيهِمَا وَنحوه ممّا كَانُوا قَدْ يَفْعَلُونَهُ لَكَانُوا قَدْ بَقَوْا عَلَى اْلعَادَة [وانتبه! عادة أم عبادة؟ عادة] إِذ اْلعادات لَا تغيّر إِلّا بمغيّر يزيلُها،لَاسيّما وطِباع النِّساءِ والصِّبيان وَكَثير من النَّاس مُتشوّقة إلى اْليوم الَّذي يتَّخذونه عيدًا لْلبطالةِ واللَّعب؛ ... فَلَوْلَا قُوّة اْلمانِعِ مِن رَسُولِ اللهِ -عَليهِ الصَّلاة والسَّلام- لَكَانَت بَاقِية وَلَوْ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيف...(هذا واضح

طيّب قد يقولُ قائل :إذا جاءنا الأولاد كيف نفعلُ؟ هل نكسرُ قلوبهم؟؟
الجواب: إذا لم تَرُدَّهُم، متى سيتعلمُون دينهَم، وقد قال ربُّنا: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الِإثْمِ وَاْلعُدْوَان(، وَالأطفالُ يُحَالُون عَلَى عيدِ اللهِ ورسولهِ، ويُقْضى لهم فيهِ من اْلحقوقِ مَا يقطعُ استِشْرافَهَم لغيرهِ من الَأعيادِ) [ذكره في الاقتضاء، ج2، ص514]، وليُعلم أنَّ اهتمامَ النَّاس بغيرِ أعيادِ الإسلامِ يُضعِفُ اهتمامَهُم بأعيادِ الإسلامِ، وكلّما غزَا اْلمسلمون عيدًا واهتمّوا به ضَعُفَ اهتمامهم بعيدِ الله ورسولهِ، واْلواجب على أهلِ الإسلامِ أنْ يقطعوا استشرافَ أولادِهِم ونسائِهِم عن التَّطلع إلى غيرِ أعيادِ الإسلام، فيَقْضوا لهم من اْلحقوق، ويَفتح لهم من اْلمباحَات ما يقطعُ بذلك استشرافَهَم لغيرِ أعيادِ الإسلام، ومنْ نظر في حالِ النَّاس رأى كثيرًا منهم يُعظّم أعيادَ غيره أكثر من عيدهِ، ويحتفلونَ ويعظّمون ويرتّبُون أوقاتهم وإجازَاتهم في هذهِ الأعيادِ، وأمّا عيد أهلِ الإسلام فينامون إلى الظّهر، ثم يذهبُون ويسلّمون ويزورُون الأرحامَ فقط، وليس لهم من اْلعيدِ أيّ أثرٍ، وهذا لاشكّ أنّه خللٌ في التَّمسك بهديِ الإسلام، وقد قال زيدُ بن أسلم: (مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا مِن مَشْيَخَتِنَا وَلَا فُقَهَائنَا يَلْتَفِتُونَ إِلى النِّصْفِ مِن شَعْبَان، وَلَا يَرَوْنَ لهَا فَضْلًا عَلَى سِوَاهَا مِن اللَّيَالي ).

فالسُّنَّة السُّنَّة -أيّها الَأفاضل -، بالسّنةِ تحفظُ اْلبلاد، ويثبُتُ اْلملك، وتُدرُّ الأرزاقُ، والدِّين كما قال الدَّيلمي -رحمه الله-: (يَذْهَبُ الدِّينُ سُنّةً سُنَّة كَمَا يَذْهَبُ اْلحبْلُ قُوّةً قُوّة).

وقد كان السَّلف يقولون :(مَا أحدثَتْ أمّةٌ في دينها بِدْعةً إلّا رَفَعَ الله بها عنْهُم سُنّة)، وإِظهار اْلعلم إِنما هو إظهارُ السُّنَّة -كما قال يزيدُ بن هارون- شيخ الإمام أحمد -رحمهمُ الله-، فمن علم فليُعَلِّم، ومن سمعَ فَليُبلّغ، والنّاس فيهم خيرٌ كثير، ووقوعهم في اْلمخالفات سببُهُ اْلجهل، فنسألُ الله عزّوجلّ-أن يردّ المسلمين إلى دينهِ ردًا جميلاً، والْمسلم ينصحُ لإخوانه ويبيّن -وإنْ خالفهُ النّاس، وإنْ وقفُوا في وجهِهِ-، قال الأوزاعي -رحمه الله-: (عَليكَ بِآثارِ مَن سَلَف، وإِنْ رَفَضَك النَّاس، وَإِيَّاك وَآراء الرِّجال، وَإن زخْرفوه لكَ بِاْلقَول؛ فَإِنَّ الَأمْرَ يَنْجَلِي وأنتَ على طريقٍ مُستقيم) [سير أعلام النبلاء، ج2].

فمن تمسّك باْلهدي والسُّنة، وعَظَّمَ ما جاء عن رسولِ اللهِ-عليه الصَّلاة والسَّلام- وعن صحابتهِ هُدِيَ إلى الصِّراط اْلمستقيم، فالنّاس فيهم خير، والتَّذكرة واجبة على أهلِ الإسلامِ، وإنَّنَا ابتُلِينا في هذا الزَّمان بضعفِ اْلهمَمِ، وكثرة دُعاةِ اْلباطل، فالإنسان يرى أخاهُ على باطلٍ، على خطأ، على معصيةٍ، لَا يكلّفُ نفسهُ أنْ ينصحَه، وهذا من التّقصير في حقِّ النَّفس وفي حقّ اْلغيرِ، فنسألُ الله لنا ولكم ولْلمسلمين الْهدايةَ والتّوفيق والسّداد والرّشاد، إنّه ولي ذلك واْلقادرُ عليه، وجزاكم الله خيرًا).

[بتصرف -يسير مع بعض التعديل-، شريط "حق الليلة"تراث أم إحداث؟، الشيخ: محمد بن غيث، الدقيقة: (19:57)]


فضيلة الشيخ عبد الله الحمادي

مَا حُكم "حَقِّ اللَّيلَة" وتخصِيصِها للنِّصف من شَعْبان؟

(اْلجواب: هذا السّؤال يتكوّن من جُزءين:

اْلجزء الَأول:

فيما يُعرف بـ"حَقِّ اللَّيلةِ"، وقد نصّ أهلُ اْلعلمِ على أنّ توزيعَ اْلحلوى في ليلةِ النِّصف من شعبان، أو في يومِ النّصف ليس من السُّنَّة، بل هو من اْلبِدعة اْلمحدَثَة، وذلك لَأنّه اتّخاذ عيدٍ في يومٍ ليس بعيدٍ، واْلعيدُ ما عَاوَدَ، فاعْتِيَاد توزيعِ اْلحلوى في هذا اْليَوم يكونُ قد اتُّخِذ عيدًا، وهذا لَا أصلَ له في الشَّرع، وإنَّما في الِإسلام ثلاثة أعيادٍ: يوم اْلجمعة، وعيد الَأضحى، وعيد اْلفِطر، وقَدْ أتَى النَّبيّ- صلّى الله عليهِ وسلّم- إلى اْلمدينة، ووجَدَهُم يلعبُون بأعيادٍ، فنَهَاهُم عن ذَلِك، وقال: (قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الَأضْحَى، وَيَوْمَ اْلفِطْرِ(.

ثانيًا :

مِمّا يَدُلّ عَلَى أنَّ هذَا اْلعملَ غيرُ جائزٍ أنّ هناكَ مُعتقدٌ فيهِ: وهو أنّ الأعمالَ الطَّيِّبةَ والصَّدَقات تصلُ للَأمواتِ في هَذا اْليوم، ومَعَ مُرورِ الَأيّامِ تَنَاسى النَّاس سبَبَ التَّشْريعِ، وسبَبَ ابتداعِ هذه اْلبِدعةِ، وبَقَوا وظَنَّوا أنَّها مجرّدُ أمر شَعْبِي، أوْ من اْلعاداتِ، وهذَا غير صحيح، إذ أُسّس هذا اْلعمل عَلَى مُعتقدٍ شَرْعِيٍّ، وهُو تَزَاوُر الَأمواتِ، أوْ وصولِ الصَّدَقاتِ لَهُم في النِّصفِ من شعبان؛ لبَرَكةِ هذا اْليوم، هذا هو أساسُ تِلك اْلبدعة، وبعدَ ذلك أَنْسَاهم الشَّيطان واستَمَروا عَلَى هذا اْلعَمَل.

ثالثًا: 

الصَّدقة في أيِّ وقتٍ،تنفعُ النَّاس، تنفعُ الَأمواتَ ومنْ ماتَ منهُم-رحمهُ الله-، ولا نُخَصّصُها بيومٍ ونحرِمُهم في باقِي أيَّامِ السَّنةِ .

الَأمر الرّابع :

بعضُ النَّاس يوم يَأتي ["حَقّ اللَّيلةِ"، يُسمِّيه :""حقُّ الله"]، ومِن (هذا) التَّسمية يجبُ أنْ نفهَمَ اْلمرادَ، لَأنَّ اْلحقّ فِي الشَّرعِ :مَا كانَ وَاجبًا مطْلوبًا بشكلٍ مفروضٍ وواجب، ولَا وجودَ لهذا اْلحقّ فِي الشَّرع، لَم يَشْرعه اللهُ ولَا رسوله-صلّى الله عليه وسلَّم-، فإذا قُلنا:"حَقِّ الله"؛ إنْ أرَادُوا حَقَّه بِمَا فَرَضَهُ من الصَّدَقَة بِالطَّعَامِ وَاْلحَلَوِيَات هذه اللّيلة، فلَا يوجدُ دليلٌ على هَذَا، وإِنْ أرَادُوا حقًًا لله يُعْطَى لَه، فالله ليس بفقيرٍ، و لَا هو بِحاجةٍ لمثلِ هذا اْلعمل، فالله غَنِيٌّ عن عِبِادِهِ.

الأمر اْلخامس: 

[لماذا-بالذَّات- في هذا اْليَوم تُعطى اْلحَلَويات، وبَعْضهم يُوزِّعُ المالَ؟ واْلكثير منهُم كانَ يعتقدُ صدقَةً عن الأمواتِ في هذا اْليوم، فالتَّخصيصُ بمثلِ هذا اْليوم لا يشُكّ أنَّهُ يدُلّ ناتج عن مُعتقدٍ وعن عبادةٍ، وليس مُجرّد عادة أو أمر شعبيٍّ شَائعٍ، فإنْ قيلِ: نحنُ -فقط- نُفْرِحُ الأطفالَ في هذا اْليوم، ونُعطيهم فاْلجواب: لِمَ في هذا اْليومِ بالذَّات- ؟ فليس هناك جوابٌ إلّا لبركةِ هذا اْليومِ، فحينئذٍ يأتِي السُّؤال:

مِن أينَ الدَّليل على بركتِهِ بالصَّدقة، وإدخالِ السُّرور واْلفرحةِ للأطفال في النِّصفِ من شعبان؟ ولا يوجدُ على ذلك دليلٌ !

قدْ كانت اْلعادةُ قديمًا ليستْ فقط في اْلحلويّات، بلْ كانَ بعضُ النَّاس يصنعُ الطَّعامَ ويدعو النَّاس لذلك، فإذا سألتَهُ: لمَ؟ قالَ: لأجلِ أمواتِنا؛ رحمةً للأمواتِ ولروحِ الأمواتِ، وقد سألتُ بعضَهُم قديمًا، وكانَ يُجيبُنِي بهذهِ الإجابةِ، إذًا يعتقدُون أنّه في هذا اْليوم تَصِلُ الصَّدقات -بالذّات للأمواتِ-، فليسَ اْلموضوعُ مُجرَّد عادةً شعبيَّةً، أو من عادَاتِنَا الشَّعبيَّة، بلْ هو من اْلبدع اْلمُحدَثَة التِّي لمْ تكُنْ في عهدِ رسولِ اللهِ- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -، وقدْ كانَ رسولُ اللهَ -صلّى الله عليهِ وسلّم- يُحبّ الأطفالَ، بلْ كانَ يخطُبُ ويَأتِي اْلحسنُ وهوَ يتَعثّرُ في ثوبهِ، فنَزَلَ وَضَمَّهُ إِلى صدرِهِ، ومَا استطاعَ أنْ يتَحمّلَ، إذًا لوْ كانَت كذلك لفَعَلَهَا رسولُ اللهَ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- ولَأفْرَحَ الأطفالَ فِي زمانِهِ في مثلِ هذا اْليوم، فهو -عليه الصَّلاة والسَّلام أرحمُ اْلخَلْقِِ باْلخَلْق، وأرحمُ النَّاس بأمّتهِ، وكانَ مُحبًّا للأطفالِ، ورحيمًا بِهِم-عليه الصَّلاة والسَّلام- ، فمِنْ هُنا نقولُ: أنَّ هذا اْلعملَ غيرُ جائزٍ.

وأخيرًا: يُعلِّمُ الأطفالَ طلبَ اْلمال والشّحاته والسُّؤال، وما ينبغِي أنْ يُربَّى الأطفالُ على هذا: سؤال النَّاس والطَّلب منهم، لذلك تجدُ بعضَ الأطفالِ ما يرغَبُ اْلحلَوى، يريدُ اْلمالَ، هكذَا تتدرَّج الأمورُ إلى النُّفُوسِ، واْلبدعةِ أشدُّ خَطَرًا مِن اْلمعصيةِ، هذا بالنِّسبة لْلجوابِ وَلَوْ لمْ (يكُنْ) بدعةً، ولوْ كانَ جائزًا شَرْعًا، لَمَا خَسِرْنا شيئًا، ولقلنا بِجوازِهِ ولكنّ الأمرَ له تعلُّقٌ بالدِّينِ والشَّرْع واْلمُعتَقَد، وليسَ مُجرّد عَادَةً من اْلعَادات، لذلك لمْ يَعْتَرِض اْلعلماءُ على كثيرٍ من اْلعاداتِ، ولا تَظنُّوا أنَّه مُحدثٌ في مجتمعنا فقط، بل كانَ موجودًا قَديمًا قدْ نَصَّ عليهِ اْلعُلماء وكَانُوا يعبِّرُون عنهُ بتوزيعِ اْلحَلوى والطَّعام في النِّصفِ من شعبان، واْلمُصْطلح اْلحديثُ له هو: "حَقُّ اللَّيلةِ"أو "حَقُّ اللهِ" ، فقَدْ تَغَيَّرَ الاسمُ واْلمُسمّى واحِد،
- طيّب فضيلة الشيخ قد يقولُ قائلٌ: إنّ هذا الأمرُ-في السّابق- كانَ عبادةً ومُعتقدًا عندَ اْلبعض، لكن مع مرورِ الأيَّام انتهَتْ هذِه اْلعبادةِ، و(هذه) اْلمُعتقد، وبَقِي الأمرُ الشَّعبيُّ فقط، يعنِي: أنْ يُلبسَ الأطفالَ مثَلًا ملابسَ شعبيَّةً وتُوزّعُ بعضُ اْلحلوى الشَّعبيَّة، لكن اْلعبادات واْلمُعتَقدات انتهتْ، يعنِي: لا تُوجدُ في هذِه الأيَّامِ، حتّى عند الأطفالِ أو عند اْلكبارِ انتهَتْ مثل هذه اْلمُعتقدات، هلْ يبْقَى الأمرُ-فقط (شعبِي)؟

لا يَجوز مِنْ وَجْهَيْنِ :

اْلوجه الأول: مَا بُنِي على باطلٍ فهو باطلٌ، وهذه قاعدةٌ عند أهلِ اْلعلمِ، وهذه العادةٌ قد بُنِيَتْ على مُعتقدٍ وعلى عملٍ من أعمالِ الشَّرعِ- كمَا يظُنُّون- ، أو عَلى مُعتقدٍ أو على عبادةٍ يظنُّونَها مشروعة، وما بُنِيَ على باطلٍ فهو باطلٌ.

الوجه الثاني: يبقَى اْلمحظورُ الآخر وهو: أنَّ توزيعَ الطَّعامِ وصنعتهُ للأطفالِ في هذَا اْليوم، وتغييرُ اْلملابسِ يبقَى (نوع) من اْلعيدِ، لأنَّ اْلعيدَ ما عاوَدَ وتجدّدَ، فيكونُ عيدًا مُبتدعًا لا أصلَ له في شرعِ اللهِ، والأعيادُ ليست مُجرّد عاداتٍ، بلْ الأعيادُ تتعلَّقُ باْلعقائدِ وتَتَعلَّقُ بالدِّينِ، ولذلك لها مناسِبَات شرْعِيَّةٍ، أو دينِيَّةٍ في كلِّ طائفةٍ، ولذا النَّبيَّ -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- نَهى الأنصارُ لمَّا أتَى وَوَجَدَهُم يلعَبُونَ في عيدَين فنهَاهُم، و لوْ كانَ ذلك جَائزًا لَأقَرَّهُم، لكِن نَهَاهُم، وقال لهم: (قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الَأضْحَى، وَيَوْمَ اْلفِطْرِ)، فيكونُ بِمَثَابةِ الشَّيئِ الذِّي يعودُ ويَتَجَدَّدُ، وليسَ كُلَّ النَّاس - حَتَّى الآن- يعتقدُ أنَّهَا أمرٌ شَعبيٌّ، بلْ لَا يزالُ اْلبعضُ يرَى أنَّها صدقةٌ للأرحامِ والأمواتِ،ولوْ قيلَ ما قيلَ الآن سيأتِي زمانٌ لنْ يتَوقّفَ فيه إبليسُ يُعيدُهم إلى معتقدِهِم وعاداتِهِم، فلا شكّ أنَّ في النُّفُوس شيءٌ من اْلعبادةِ والتَّصدق في هذا اْليوم، ولا شكّ أنَّه كاْلعيدِ الذِّي يعودُ، ولا يجوزُ أنْ يُحدَثَ عيدًا إلّا بدليلٍ؛ لأنَّه -كمَا أخبرتُكُم- الأعياد ليست مجرّد فرحةً واحتفالًا، إنَّما هي تعودُ للاعتقادِ، وتعودُ للأديانِ، فمن هُنا منعَ الإسلامُ أيَّ عيدٍ، إلّا ما شرعَهُ الله عزَّوجلَّ ،...

-
 طيّب يا شيخ بعض الأطفالِ قدْ يأتِي إلَى اْلمنزلِ، يعنِي هلْ يُردّ الطِّفل- مثلًا-؟
يُعلَّمُ؛ أنَّ هذا غير جائزٍ وهذا غير صحيحٍ، وهذا التَّصرف لا يجوزُ شرعًا، يُعلّم).

[المصدر: حق الليلة -الشيخ : عبد الله الحمادي-بتصرف يسير-مع بعض التعديل-].

فضيلة الشيخ سعيد سالم الدرمكي

مقال: حق الليلة (القرقيعان) بين العادة المباحة والإحداث في الدين .

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد: 

الناظر في الساحة الحوارية هذه الأيام يرى اختلاف المتحاورين والمتناظرين حول شرعية ما يسمى بحق الليلة أو القرقيعان أو غيرها من المسميات، ونرى مظاهر الاحتفال بهذه الليلة تعم بعض الطرق وتعج بها الإعلانات، وتلهج بها بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. 

كما نرى هجوماً شرساً ممن يرى شرعية إحياء هذه الليلة بناء على أنها من العادات الإماراتية والخليجية الموروثة على من يرى منعها لأسباب شرعية، بل يتهمونهم بالتعصب والتشدد، وزاد بعضهم من تهجمه بأن شكك في وطنيتهم.

وفي الحقيقة هذه الهجمة منهم لا تظهر سعة صدورهم لحوار المخالف، الذي ينبغي أن يتصف به المتحاورون، بل هي طريقة من لا حجة لديه في أي حوار كان، إذ يلجأ إلى التهويل ورفع الصوت والتخويف والاتهامات لأجل تغطية ضعف الحجة لديه.

والمسلم يتلقى الأحكام من الشرع الحنيف، ويعرض أعماله على أحكام الشرع فما وافق الشرع عمل به، وما خالفه تركه إرضاءً لله، فأود أن أعلق على حكم هذه الليلة من منظور شرعي خصوصاً بعد أن تكلم فيها من لا يحسن العلم الشرعي من الأصاغر ودعاة الفضائيات ومحبي الشهرة. 

فأقول: 
أنزل الله سبحانه وتعالى أحكام شرعه لنتحاكم إليها ونعمل بها قال تعالى مخاطبا نبيه -صلى الله عليه وسلم-: ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) ، وحذَّرَ من مخالفة حكمه وشرعه فقال سبحانه-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)، وأرشدنا الله سبحانه إلى الرجوع في ما يستجد من قضايا ونوازل ومستجدات إلى أهل الاستنباط ليستخرجوا الحكم الشرعي من الأدلة والقواعد الشرعية فقال-تعالى- : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).

فلا بد أن ننظر في أحكام الشرع وأدلته في حكم ما يسمى (بحق الليلة) خصوصاً وقد وقع فيه الاختلاف ما بين قائل بالإباحة بناء على أنها موروث ثقافي في الدولة، وبين من يقول بمنعها لاحتوائها على ما يخالف الشرع. 
وللحكم على هذه المسألة لا بد من تحديد صورتها التي تحدث بها: 

أولاً: صورة المسألة. 

في ليلة النصف من شعبان ينطلق الأطفال بعد صلاة العصر أو المغرب في جماعات فيطوفون على المنازل وهم يرددون بعض الجمل الشعرية أو العبارات المسجوعة أو الشعرية، ومعهم أكياس يجمعون فيها ما يعطونهم إياه أصحاب هذه المنازل والذين يكونون قد جهزوا الهدايا قبل ذلك. 
وتطور الأمر بعد ذلك إلى أن أصبحت احتفالية تصحبها الأغاني الشعبية والتجمعات الأهلية.

ثانياً: حكم إحياء هذه الليلة.

الجواب: هذه الليلة لا يخلو أن تكون: إما من قبيل العبادات أو من قبيل العادات.

فإن كانت من قبيل العبادات فإن القاعدة التي تحكمها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ). 

وقد علمنا بالاستقراء لحياة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك تسع  شعبانات في حياته، لأن العلماء أجمعوا أنه صام تسع رمضانات في حياته صلى الله عليه وسلم، ولم يرد بنقل صحيح صريح أنه فعل شيئاً من ذلك في هذه الليلة. 

و لقد حذرت شريعتنا البدع جميعها صغيرة كانت أو كبيرة، ولو قصد صاحبها الخير، قال -صلى الله عليه وسلم-: (كل بدعة ضلالة) وهذا عموم لم يخص.

ومن خطورة البدع أنها تشابه الشرع من حيث إرادة التعبد وفعل الخير فيظنها الناس خيراً فيعملونها بل ويدافعون عنها على أنها دين يتقرب به إلى الله وينكرون على من ينكرها،  قال عمر بن عبد العزيز: (ألا وإني أعالج أمراً لا يعين عليه إلا الله قد فني عليه الكبير وكبر عليه الصغير ... حتى حسبوه دينا لا يرون الحق غيره)، ولأجل ذلك كانت البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، فالمعصية قد يتوب منها فاعلها أما البدعة فلا يُتاب منها لأن فاعلها يعتقدها ديناً يتقرب به إلى الله.

وقد عرف الشاطبي البدعة بقوله: (طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية).

والبدع لا يشترط أن تكون محدثة لا أصل لها في الشرع، بل قد تكون مشروعة في أصلها ولكن تقع البدعة من حيث التطبيق ومخالفة هدي السلف، فالثلاثة الرهط الذين جاؤوا إلى بيوت النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته (يقوم الليل ولا ينام-يصوم الدهر-لا يتزوج) عبادات مشروعة وفعل خير، ولكن أنكر ها النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: (فمن رغب عن سنتي فليس مني) وعلى هذا يفسر قوله: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). 

ومن علامات البدعة: تخصيص العبادة بزمان أو مكان أو حالة أو عدد ولم يثبت دليل على ذلك التخصيص، ولو كانت مشروعة في أصلها، والقاعدة العامة في هذا الباب: أن كل عبادة لم يتعبدها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة من بعده فهي بدعة ضلالة. 

ثانياً: إذا قيل أن هذه الاحتفال بهذه الليلة ليس من قبيل العبادات بل هو من قبيل العادات التي لا دخل للبدعة فيها. 

فالجواب: الأصل أن البدع لا تدخل في العادات وتعاملات الناس الدنيوية لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:  (أنتم أعلم بأمور ديناكم)، قال ابن تيمية رحمه الله-: (الأصل في العبادات أن لا يشرع فيها إلا ما شرعه الله، والأصل في العادات أن لا يحظر منها إلا ما حظره الله). 

ولكن يوجد استثناء من هذا الأصل وهو أن العادة قد يحكم عليها بأنها بدعة أو حرام إذا تُعبِدَ بها  أو اندرجت تحت عبادة ما أو احتوت على مما يخالف الشرع،  قال الشاطبي في الاعتصام: (العادات إذا دخل فيها الابتداع فإنما يدخلها من جهة ما فيها من التعبد لا بإطلاق) وقال-رحمه الله- (العاديات أي العادات- من حيث هي عادية أي عادة- لا بدعة فيها، ومن حيث يتعبد بها أو توضع وضع التعبد تدخلها البدعة).

إذا نخلص من ذلك: أن الأصل في العادات الإباحة ولا تدخلها البدعة إلا إذا اقترنت بها شبهة التعبد وفعلت على غير الوجه الشرعي أو وجد فيها ما هو محرم. 

 مثال ذلك: لو اعتاد الناس أن من يقترض قرضاً من آخر فإنه يرده إليه في موعد السداد مع هدية، فهذه العادة محرمة لأنها تؤول إلى الربا.

ولو اعتاد الناس المصافحة بعد الصلاة مباشرة، فهذه العادة بدعة قال القرافي : (ما يفعله أهل الزمان من المصافحة عند الفراغ من الصلاة بدعة غير مشروعة).
وهذه عادة والأخرى عادة واختلف الحكم عليها بسبب ما داخل العادة من شبهة التعبد أو احتوائها وإفضائها إلى أمر محرم.

بقي السؤال: هل احتفال الناس بليلة النصف من شعبان:
عبادة 
أم عادة محضة 
أم عادة فيها شبهة عبادة
أم عادة احتوت على محرم

الجواب: 
هذه العادة ارتبطت بتعظيم ليلة لم يعظمها الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، بل هي ليلة من ليالي السنة لا مزية لها ولا خصوصية، إلا ما ورد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يطلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن).  

وهذا الحديث قد اختلف فيه أهل الحديث اختلافا كبيراً، فضعفه البعض وصححه آخرون.

وعلى القول بصحته فإنه يثبت فضيلة لهذه الليلة بهذه الصفة وهي مغفرة الله لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن. 

وباب الفضائل توقيفي، فلا يحكم في الشرع بفضيلة زمان ولا مكان ولا عمل إلا بدليل شرعي صحيح، فيقتصر في فضلها على ما ورد به النص دون الزيادة عليه بإحداث عادات تبنى على فضيلة ما. 

والأولى في هذه الليلة الانشغال بمحاسبة النفس على ما وقعت فيه من رياء أو عمل من الأعمال يكون شركاً كالحلف بغير الله، وتعليق التمائم، والخوف من الأولياء والصالحين كخوفهم من الله، فيبادر بالتوبة. 

ويسعى لإصلاح ذات البين فيما بينه وبين غيره، أو يصلح بين المتخاصمين مذكرًا لهم بهذا الحديث، وليس الانشغال بالهدايا والاحتفالات. 

وهذه الفضيلة ولا شك فضيلة عظيمة جداً، ولكنها قد وردت كذلك في مناسبات أخرى منها ما رواه البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال: (تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا). 
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فلم تخص هذه العادة بالنصف من شعبان دون أيام الإثنين من كل أسبوع، فالفضيلة واحدة.

و السلف -رحمهم الله- لم يعظموا هذه الليلة بشيء، إذ صح عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو من أتباع التابعين أنه قال : (لم أدرك أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولم ندرك أحدا منهم يذكر حديث مكحول (الحديث السابق) ولا يرى لها فضلا على سواها من الليالي). 

ونبينا صلى الله عليه وسلم عَظَّمَ شهر شعبان كله بصيام أغلبه كما صحت بذلك الأدلة، ولكن انصرف الناس عن المشروع إلى عادة غير مشروعة وهذه من آثار البدع قال ابن عباس: (ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن).

ثانياً: إن سلمنا بأنها عادة والأصل في العادات الحل والإباحة.
الجواب: هذه العادة وإن كانت جائزة في ذاتها لكن يمنع منها للأسباب التالية: 

أ أنها وقعت في زمن تكثر فيه البدع والمخالفات، ففي إحياء هذه العادة في هذا الزمان مشاركة لأهل البدع في بدعهم. 

فمن المعلوم أن بعض المسلمين من الجُهَّال يجتهدون في بعض البدع في ليلة ويوم النصف من شعبان، كصلاة الألفية التي بنيت على حديث موضوع كما ذكر ذلك ابن القيم فقال : (حديث يَا عَلِيَّ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ النِّصْفِ من شعبان مئة رَكْعَةٍ بِأَلْفِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قَضَى اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَاجَةٍ طَلَبَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَسَاقَ جُزَافَاتٍ كَثِيرَةً وَأَعُطِيَ سَبْعِينَ أَلْفَ حَوْرَاءَ لِكُلِّ حَوْرَاءَ سَبْعُونَ أَلْفَ غُلامٍ وَسَبْعُونَ أَلْفَ وِلْدَانٍ" إِلَى أَنْ قَالَ: "وَيَشْفَعُ وَالِدَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَبْعِينَ أَلْفًا).
وَالْعَجَبُ مِمَّنْ شَمَّ رَائِحَةَ الْعِلْمِ بِالسَّنَنِ أَنْ يَغْتَرَّ بِمِثْلِ هَذَا الْهَذَيَانِ وَيُصْلِيهَا؟!
وَهَذِهِ الصَّلاةُ وضعت في الإسلام بعد الأربع مئة وَنَشَأَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَوُضِعَ لَهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ:
مِنْهَا: "مَنْ قَرَأَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ أَلْفَ مَرَّةٍ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في مئة رَكْعَةٍ الْحَدِيثُ بِطُولِهِ وَفِيهِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مئة مَلَكٍ يُبَشِّرِونَهُ".
وَحَدِيثِ "مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ النِّصْفِ من شعبان ثنتي عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلاثِينَ مَرَّةً {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} شَفَّعَ فِي عَشْرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قَدِ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ" وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي لا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ " انتهى كلامه .

وبعضهم يخص يومه بصيام دون غيره لاعتقاد فضله، وكل ذلك مما لم يرد فيه دليل على مشروعيته.

 فإحداث عادة يحصل بها الاحتفال في هذه الليلة من معاونة أهل البدع على بدعهم. 

ب تمنع هذه العادة سدا لذريعة الوقوع في البدع في هذه الليلة، وقد حذر العلماء من الأعمال التي تقع في هذه الليلة لاعتقاد فضلها على غيرها من الليالي.

ج تمنع هذه العادة للقاعدة الشرعية: إذا تعارض محظور ومباح قدم المحظور.
فالابتداع في الدين محظور ومحرم، وحق الليلة عادة مباحة، وقد اختُلفَ في حكم هذه الليلة على قولين: الأول التحريم، والثاني: الحل، فيترك فعل الحلال المباح لأجل عدم الوقوع في الحرام والبدعة. 

د تمنع هذه العادة لأن فتوى العلماء الأجلاء من أهل الفتوى والاجتهاد على منعها وعدم فعلها، وقد أمرنا بالرجوع إليهم في ما يشكل علينا أو ما يستجد من قضايا وأحوال. 
حيث أفتى الشيخ ابن باز والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبد الله الغديان والشيخ بكر أبو زيد والشيخ محمد بن صالح العثيمين والشيخ الألباني، بأن ما يسمى بحق الليلة من البدع التي لا يجوز فعلها ولا إحياؤها. 

فتقدم فتوى أهل العلم على ما اعتاده الناس من أعمال قد لا يدركون حقيقتها على الوجه الصحيح، وتقدم على فتوى دعاة الفضائيات من الأصاغر ومحبي الشهرة الإعلامية ممن لا يعرف بعلم.

هـ - : هذه العادة توافق يوم احتفال عند أهل البدع من الرافضة، إذ يعتقدون أنها الليلة التي ولد فيها الحسن بن علي -رضي الله عنه-، وهذا وإن حصل الاختلاف في تحديد النصف الذي ولد فيه هل هو النصف من شعبان أو النصف من رمضان، لكن تبقى مشابهتهم له في المسمى والصفة والأقوال والأشعار التي تقال فيها. 

ومن قرأ كلامهم في هذه الليلة ما يحصل فيها عَلِمَ عِلْمَ اليقين أنها من إحداثهم
وقد نهينا في شرعنا عن مشابهة أهل الانحراف من المشركين وأهل البدع وأهل الفسق، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (من تشبه بقومٍ فهو منهم). 

فلهذا ولغيره من الأسباب كان ترك الاحتفال بهذه العادة متعينا، اتقاء للشبهات، وإرضاء لرب الأرض والسماوات. 

وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه. 

كتبه: أبو محمد سعيد بن سالم. 
-مع بعض التعديل-.


وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.


5 شوال \ 1436
2015-07-21