الأربعاء، 9 مايو 2018

(خاطرة): القنبلة الموقوتة لطالب العلم!



(خاطرة): القنبلة الموقوتة لطالب العلم!


ما رأيت أضر للإنسان العادي –فضًلا عن طالب العلم- من الفراغ، فهو –والله- سمٌ قاتلٌ، وقنبلةٌ موقوتةٌ، تُفجِّر الوقتَ، وتهدرُ العمر في غير فائدة دينٍ ولا دنيا! وإني –والله- لأعجب ممن أضاع عمره، ونفيس أوقاته وساعاته في ما يسمى بـ(وقت الفراغ)! فيقول: إني انتهيت من شغلي ومقرري وحان وقت فسحتي وفراغي! وهذا إن لم يضبط ويُكبح بميزانٍ متزنٍ فسيزلزل بالأوقات زلزلةً عظيمة، وذلك لأن الساعة أخت الدقيقة والدقيقة أخت الثانية، فيرى اليوم فراغًا قليلًا، وغدًا يمتلئ فراغً كثيرًا، لذلك فإن هذا الأمر خطير مصيره إن لم يوزن بسبيل قويم، وطريق صحيح، فالمعاصي تدخل للإنسان من هذا الباب، والشيطان له خمسون ألف باب! يدخل للإنسان في باب العبادة فيوقعه في المباح ويجره للمكروه ويوقعه في المحرم –نسأل الله العافية-، لذلك أدعو نفسي –المقصرة أولًا- وإياكم، إلى اغتنام الأوقات وعدم هدرها وسكبها في الملهيات المميتات، واعلم أن (وقت الفراغ) يختلف عن ما نسميه بـ(وقت الترويحة)، وإن كان لا فرق بينها عند جملةٍ من الناس (فلا مشاحة في الاصطلاح)، والفرق بينهما هو: أن  (وقت الفراغ) يكون في فراغ لا في شغل دينٍ ولا دنيا، بل في المباح والملهيات، وأما (وقت الترويحة) فهو من الراحة بعد التعب، وتلطيف الجو بعد الكلل، فكثرة القراءة والجلوس تجلب الملل والسآمة لذلك وضع له (وقتًا للترويحة) يريح نفسه بقراءة كتب الآداب والأشعار، ولطيف الألغاز والأخبار، وجميل العبر والأسفار، وخير ما يُقضى في (وقت الترويحة) –برأيي وحسب تجربتي- ترتيب المكتبة، وتصفح الكتب ومطالعة مقدماتها وفهارسها، أو استخراج الفوائد وكتابتها وترتيبها، أو زيارة المكتبات لشراء جديد الإصدارات، فيبقى طالب العلم في دائرة العلم لا يخرج عنها، فما أن يُنهي وقت ترويحته إلا ويسرع في شغله بهمةٍ ونشاط، ونهمةٍ وشهوة! وما ذاك إلا وأنه نشَّط نفسه في ما يُعينه على التقوي لطالب العلم وإن لم يكن من صلب العلم، والتجربة الشخصية لا تعمم على الجميع وإنما هي أمر نسبي تناسب شخصًا دون آخر، والسلام.


هذا وإني أسأل الله أن يغفر لي ولك –أيها القارئ الكريم-

فهذه خاطرة لطيفة صغيرة مفيدة أحببت أن أكتبها

بعد أن رأيت البلوى قد عمت بها ولا أبرئ

نفسي وأسأل الله أن يغفر لي

زللي والله المستعان


الثلاثاء

22 من شعبان 1439

2018-05-08




ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق